![]() |
| مكنسة ذكية تتجسس على صاحبها. مصدر الصورة: unsplash |
مكنستك الذكية يمكنها أن تتجسس عليك
في وقت أصبحت فيه الأجهزة الذكية جزءًا لا يتجزأ من حيات الفرد اليومية، فمن الهواتف الذكية إلى الثلاجات المتصلة بالإنترنت، لم يتخيل أحد أن المكنسة الكهربائية ذاك الجهاز البسيط الذي يُفترض منه تنظيف بيتك، سيتحول يوما ما إلى أداة تجسس داخل منزلك
هذه ليست قصة خيالية، بل تجربة واقعية عاشها المبرمج والمهندس الإلكتروني هاريشانكار نارايانان، فقد اكتشف هاريشانكار أن مكنسته الذكية التي من نوع "iLife A11" كانت تقوم برسم خريطة ثلاثية الأبعاد للمنزل وإرسالها سرًا إلى الشركة المصنعة
شكوك في البداية قادت إلى اكتشاف خطير
فبعد عام من استخدامه للمكنسة، بدأ نارايانان بملاحظة شيئًا غريبًا، فمنذ الأيام الأولى للمكنسة، بدا يلاحظ وجود حركة مرور بيانات مستمرة على شبكته المنزلية، صادرة من المكنسة ومتجهة إلى خوادم تقع على بُعد آلاف الكيلومترات
وبما أن هاريشانكار نارايانان شخصًا حذرًا بطبعه، قرر مراقبة هذا النشاط باستخدام أدوات تحليل الشبكات، ليفاجأ في الأخير بأن المكنسة كانت ترسل بيانات وسجلات تشغيلية بشكل مستمر دون أي إذن منه وعندما حاول نارايانان إيقاف هذه الاتصالات، مع الإبقاء فقط على التحديثات الأساسية، بدأت المكنسة بالتصرف بغرابة
بعد بضعة أيام من العمل، توقفت المكنسة فجأة عن التشغيل، وعندما أرسلها إلى مركز الصيانة، كان ردهم دائمًا كاتالي: "الجهاز يعمل بشكل طبيعي، سيدي."
لكن ما إن يسترجع المكنسة للمنزل حتى تتوقف عن العمل مجددًا. تكرر هذا السيناريو عدة مرات حتى انتهت صلاحية ضمان المكنسة، وأصبحت المكنسة قطعة بلاستيكية لا فائدة منها
![]() |
| تفكيك المكنسة يكشف الأسرار. مصدر الصورة: unsplash |
تفكيك المكنسة يكشف الأسرار
قرر هاريشانكار نارايانان أن يكتشف المشكلة بنفسه ومعرفت ما الذي يجري فقام بتفكيك المكنسة قطعة قطعة، وفحص لوحاتها الإلكترونية وحساساتها، ليكتشف شيئاً صادماً:
كانت المكنسة تحتوي على نظام يعرف ب "Android Debug Bridge (ADB)" مفتوح بالكامل، ما يعني أن أي شخص يمكنه الوصول إلى نظامها الداخلي بسهولة تامة، وبمجرد أن تمكن من الاتصال بها عبر الحاسوب
وجد نارايانان أن الجهاز يعمل ببرنامج Google Cartographer، وهو برنامج يستخدم لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد دقيقة للمكان الذي يتحرك فيه الجهاز بمعنى آخر، كانت المكنسة تقوم برسم خريطة تفصيلية لمنزله وإرسالها إلى خوادم الشركة الأم.
أمر"القتل" عن بعد!
الأمر الذي أرعب هاريشانكار كان لاحقًا في اللحظة التي اكتشف سطر أوامر في سجل الجهاز صادر من الشركة، ومؤرّخ بالضبط في اللحظة التي توقفت فيها المكنسة عن العمل، بمعنى أن هذا السطر كان بمثابة أمر" قتل" (Kill Command) أُرسل عن بُعد، أدى إلى تعطيل المكنسة بشكل نهائي وعندما قام وحين قام صاحب المكنسة بعكس التغيير في الكود، عادت المكنسة للعمل فورًا!
وكتب هاريشانكار نارايانان في مدونته:
"الشركة كانت تملك القدرة على تعطيل الجهاز عن بُعد، واستخدمتها ضدي لأنني منعتهم من جمع بياناتي." سواءً كان ذلك عقابًا متعمدًا أو آلية آلية لفرض امتثال المكنسة للتحكم فيها من طرفي، فالنتيجة واحدة: جهاز منزلي ذكي انقلب على صاحبه.
عندما تهددنا التكنولوجيا
تجربة نارايانان ليست تجربة فريدة من نوعها فالخبراء يعتقدون أن عشرات المكانس الذكية والأجهزة المنزلية الأخرى تعمل بأنظمة تتشابه مع بعضها، تُرسل البيانات دون علم المستخدم، وتحتوي على منافذ مفتوحة يمكن استغلالها
لقد أصبحت منازلنا الحديثة مليئة بالكاميرات والميكروفونات وأجهزة الاستشعار المتصلة بخوادم شركات لا نعرف عنها الكثير، وكلها يمكن تسليحها بخط واحد من الشيفرة البرمجية إن ما حدث في قصة "مكنسة هاريشانكار نارايانان الذكيةiLife A11" يُعد تذكيرًا قويًا بأن الراحة الرقمية ليست مجانية
وتفتح هذه القصة باب النقاش حول خطورة البيانات التي تجمعها الأجهزة الذكية والمتطورة دون علم المستخدمين، وماهي حدود سيطرتنا الفعلية التي نملكها على أجهزتنا كانت في المنزل أوخارجه
وفي ظل تسارع ثورة "البيوت الذكية"، يبدو أن الوعي واليقظة أصبحا الدرع الوحيد لحماية الخصوصية في عالم أصبح فيه كل شيئ متصل ولا يعرف الحدود أو الأسرار ففي الأخير، الثمن الحقيقي قد يكون خصوصيتنا، أو حتى التحكم الكامل في أجهزتنا كيفما كانت، وكما قالهاريشانكار نارايانان في ختام تجربته هذه:
"التكنولوجيا التجارية تأتي دائماً بتكلفة خفية… وتلك التكلفة لا تنتهي عند دفع ثمن المنتج."
المصادر:
livemint/ futurism

