نفق مضيق جبل طارق مشروع ضخم يربط بين المغرب و إسبانيا

نفق مضيق جبل طارق مشروع ضخم يربط بين المغرب و إسبانيا
نفق مضيق جبل طارق مشروع ضخم يربط بين المغرب و إسبانيا. مصدرالصور : google maps /pixabay /unsplash

بعد تحسن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانية سنة 2023 أعادت الحكومتين فتح واحد من أهم الملفات طموحا بين البلدين للواجهة، وهو ملف إنشاء نفق ضخم يربط المغرب بإسبانية وإفريقيا بأوروبا هذا الملف الذي بقي لسنوات عديدة طي الرفوف...

برج محمد السادس المطل على نهر أبي رقراق والمسرح الملكي بالرباط.
المسرح الملكي على اليمين وبرج محمد السادس على اليسار. مصدرالصور : unsplash 

فالمغرب في السنوات الأخيرة أعلن عن تنفيذ العديد من المشاريع التنموية، خاصة في مجال البنية التحتية وعلى سبيل المثال... نجد برج محمد السادس المطل على نهر أبي رقراق والمسرح الملكي بالرباط وقنطرة محمد السادس المعلقة.

كذلك الملاعب العالمية التي ستحتضن نسخة كأس إفريقيا 2025 ونسخة كأس العالم 2030 والذي سيكون مشتركا مع دولتين أوروبيتين مجاورتين للمغرب ونتحدث هنا عن دولتي إسبانيا والبرتغال وبذكرنا لدولة إسبانيا نذكر المشروع الضخم المشترك بين المغرب وجارته الشمالية دولة إسبانيا، المشروع الواعد الذي سيربط بين قارتين قارة أوروبا وقارة إفريقيا.

اهتمام مشروع نفق مضيق جبل طارق على عدة أصعدة
اهتمام مشروع نفق مضيق جبل طارق على عدة أصعدة. مصدر الصور: unsplash

اهتمام على عدة أصعدة

على الصعيد الدولي

 لاقى هذا المشروع الواعد ترحيب وإشادات من دول عدة، حيث أعرب كل من الإتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة والصين والولايات المتحدة الأمريكية عن دعمهم لفكرة المشروع بحيث أنها ترى في المشروع فرصة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع كل من أوروبا وإفريقيا.

كذلك نجد دول أخرى مثل دول الخليج وآسيا.. كاليابان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حيث أنها أبدت اهتمامها بالمشاركة في هذا المشروع الواعد علما أنه سيعيد هذا المشروع تشكيل خريطة المبادلات التجارية الدولية.

على الصعيد المالي

على الصعيد المالي نجد رغبة العديد من المؤسسات المالية الدولية الكبرى في المساهمة وتمويل هذا المشروع، من بينها البنك الدولي، والبنك الإفريقي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، وكذلك البنك العربي.

على الصعيد الإعلامي

كانت العديد من الصحف والمواقع الإعلامية العربية وكذلك الأجنبية قد نشرت مقالات تتحدث فيها عن مشروع نفق بين المغرب وإسبانيا هذا المشروع الذي يجذب اهتام العالم منذ أن أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن كأس العالم 2030 سينضم في الدول الثلاثة (المغرب، إسبانيا والبرتغال)

علما أن المشروع يعتبر من المشاريع العملاقة والفريدة في العالم، ومن بين هذه الصحف والمواقع الإعلامية التي نشرت تقارير عن هذا الموضوع نجد صحيفة تلغراف وموقع الجزيرة نت وكذلك موقع هسبريس المغربي.

المواقع الثلاثة التي يدرس ربطهم بمشروع نفق مضيق جبل طارق، منطقة الجزيرة الخضراء، منطقة (بونتا بالوما) جنوب إسبانية ومنطقة (ملاباطا) شمال المغرب في مدينة طنجة.
المواقع الثلاثة التي يدرس ربطهم بمشروع نفق مضيق جبل طارق. مصدرالصورة : google maps

دراسة المشروع

قالت الشركة الوطنية لدراسة مضيق جبل طارق (SNED) بأن العمل جار على دراسة العناصر التمويلية والاستراتيجية لهذا المشروع الضخم، الذي سيكون عبارة عن نفقين إضافة لنفق ثالث، ومن المتوقع أن يبلغ طول النفق 60 كيلومترا بينما مصادر أخرى تقول 70 كيلومترا أو 66.2 كيلومترا 

علما أن جزء النفق الذي سيكون تحت الماء يقدر ب 28 كيلومترا وبعمق أقصى يبلغ 475 متر، وهو يربط من جهة إسبانيا بنقطة ساحلية تقع غرب مدينة طريفة تعرف ب (بونتا بالوما) أو قد يربط بمنطقة في الجنوب تسمى الجزيرالخضراء، ومن جهة المغرب يتوقع ربطه بالنقطة الساحلية المعروفة بمنطقة (مالاباطا) وهي منطقة تقع في مدينة طنجة.

تكلفة المشروع

تكلفة المشروع قد تبدأ من 6 مليارات يورو وقد تصل إلى أزيد من 14 مليارات يورو وسيحتاج تنفيذه إلى تعاون دولي وتمويل مشترك من البنوك الدولية والاتحاد الأوروبي، وقالت الجمعية الإسبانية لدراسة الاتصالات الثابتة عبر مضيق جبل طارق (SECEGSA) بأن النفق المراد تشييده والذي سيربط بين شبكتي السكك الحديدية في المغرب وإسبانيا

يمكن أن يحمل ما يقرب 12.8 مليون مسافر سنويا، علاوتا على أنه سيكون أيضا معبرا للسلع، مع إمكانية نقل مايقارب 13 مليون طن من البضائع بين قارتي أوروبا وإفريقيا.

 من خلال هذا المشروع ستصبح المدة الزمنية للصفر بين مدينة الدار البيضاء ومدينة مدريد حوالي 5.5 ساعات علما أنها حاليا تستغرق بين الدار البيضاء ومدريد حوالي 12 ساعة بالسيارة بما فيها العبور بالعبارة وتستغرق الرحلات الجوية نحو ساعتين.

اتفاق بين المغرب و إسبانيا على فكرة العمل على مشروع نفق مضيق جبل طارق.
اتفاق بين المغرب و إسبانيا على فكرة العمل على مشروع نفق مضيق جبل طارق. مصدر الصور: unsplash

أصل فكرة المشروع

تقول بعض المصادر أن الفكرة بزغت مع المهندس الفرنسي (لوران دو فيلدوميل) فهو أول من قدم هذه الفكرة سنة 1869، حينما طرح فكرة إنشاء معبر سككي تحت مضيق جبل طارق ومصادر أخرى تقول أن أصل الفكرة طرحت أول مرة سنة 1930 من طرف الحكومة الإسبانية

غير أن المشروع عُلق بعدما اكتشف المهندسون أن مادة قاع البحر تتكون من صخور صلبة، ما جعل فكرة حفر هذا النفق مستحيلة آنذاك، خصوصا مع التكنولوجيا المتاحة في ذلك الوقت غير أن التطور التكنولوجي الذي شهده العالم في عدة مجالات 

خصوصا المجال الهندسي، فإن مشروع نفق مضيق جبل طارق لا يزال يعتبر من بين المشاريع -تحت الماء- طموحا في العالم ويعتبر كذلك على أنه أعقد وأطول من نفق (المانش) بين إنجلترا وفرنسا الذي أفتتح سنة 1994 ويبلغ طوله 50.45 كيلومترًا.

 كذلك أطول من نفق (سيكان) الياباني الذي يعتبر أطول نفق في العالم حيث يبلغ طوله 53.85 كيلومترًا ويربط بين جزيرة (هونشو) بجارتها الشمالية جزيرة (هوكايدو).

وقد عادة خطة النفق للظهور من جديد سنة 1979، بعدما أعلنتا حكومتا المغرب وإسبانيا

تعيين لجنة مشتركة لدراسة هذا المشروع، وقد كان هناك لقاء جمع بين الملك الراحل الحسن الثاني والملك الإسباني السابق خوان كارلوس وقد أبديا رغبتهما في العمل على فكرة هذا المشروع الثوري.

 اكتسب المشروع في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بعدما افتتح المغرب خط السكة الحديدية فائق السرعة (البراق) الذي يربط بين مدينة الدار البيضاء ومدينة طنجة شمال المغرب في مدة ساعتين وعشر دقائق فقط ويعد هذا القطار -فائق السرعة- فريدا من نوعه في إفريقيا حيث يعد أنه أسرع قطار في القارة السمراء.

الشركات الثلاث المكلفة بدراسة المشروع، (Tekpam Ingeniería/Ineco/Herrenknecht)
الشركات الثلاث المكلفة بدراسة المشروع، (Tekpam Ingeniería/Ineco/Herrenknecht)

الشركات المكلفة بدراسة المشروع

شركة (إينيكو Ineco) فقد كلفتها الحكومة الإسبانية بدراسة ما إذا كان هذا المشروع العملاق يمكن أن يتحقق أم فقط مجرد حلم جيوستراتيجي يصعب تحقيقه في أرض الواقع.

شركة (Herrenknecht) الألمانية وستقوم هذه الشركة بتحليل قاع البحر تحديدا دراسة جيوتقنية لعتبة كامارينال (Camarinal Threshold وهي تشكيل جيولوجي مرتفع يقع تحت الماء بين المغرب وإسبانيا وتعتبر من التحديات الرئيسية أمام تنفيذ مشروع النفق، نظرا لصعوبة طبيعة هذا التشكل الجيولوجي. 

كذلك ستقوم بتحليل المسائل الفنية لمسار النفق، في هذه العتبة (عتبة كامارينال) ومن المتوقع أن يتم الحفر باستخدام آلات حفر الأنفاق (TBM).

نجد أيضا شركة (Tekpam Ingeniería) هذه الشركة ستقوم بالمراقبة الزلزالية، بأجهزة متطورة لقياس الزلازل، وستكون تحت إشراف مباشر للبحرية الإسبانية.

مشروع (دبي لوب dubai loop) التابع لشركة (ذا بورينغ كومباني The Boring Company) المملوكة لرجل الأعمال إيلون ماسك
مشروع (دبي لوب dubai loop) التابع لشركة (ذا بورينغ كومباني The Boring Company)
المملوكة لرجل الأعمال إيلون ماسك. مصدر الصور: unsplash/iconfinder

ماعلاقة (إيلون ماسك) بالمشروع

قال موقع "صوت المغرب" نقلا عن الجريدة الإسبانية "إلفارو دي سوتا" أن أغنى رجل في العالم ورجل الأعمال الكندي الحاصل على الجنسية الأمريكية "إيلون ماسك" أن مشروع النفق البحري الذي يربط المغرب بإسبانيا ألهمه لإنجاز مشروع مماثل له بدولة الإمارات العربية المتحدة باسم (دبي لوب dubai loop)   

(دبي لوب) هو مشروع رائد في مجال النقل تحت أرضي يتوقع أن يحدث تحولا جذريا داخل مدينة دبي ويهدف هذا المشروع الذي تطوره شركة (ذا بورينغ كومباني The Boring Company) إلى تخفيف الازدحام المروري الذي تعرفه مدينة دبي، وهو مشروع صديق للبيئة.

سيتكون هذا المشروع من شبكة أنفاق تحت مدينة دبي بطول يقارب 17 كيلومترًا تربط بين الأماكن الرئيسية في المدينة عبر 100 محطة وبوسائل نقل كهربائية عبارة عن سيارات ذاتية القيادة معروفة باسم (تسلا بودز Tesla Pods)، تصل سرعتها إلى 160 كيلومترًا في الساعة ما يسمح بنقل ما يقرب إلى 20.000 شخص في الساعة إلى أن تزداد السعة في المراحل القادمة من المشروع.

متى موعد الانطلاق؟

فوز ملف تنظيم كأس العالم المشترك بين الدول الثلاثة المغرب إسبانيا والبرتغال سنة 2030 جعل الكثيرين يطرحون سؤالا معينا، هل نرى نفق مضيق جبل طارق قبل المونديال؟ فهل يرى هذا المشروع العملاق النور قبل المونديال؟

هذا السؤال مرهون بأمرين يجب الحسم فيهما قبل طرح هذا السؤال:

أولا: القرار السياسي بين البلدين.

ثانيا: التركيبة المالية المخصصة لهذا المشروع.

علما أن التكلفة التي سينجز بها هذا المشروع ستكون كبيرة جدا، زائد التعقيدات التقنية واللوجيستية وحتى الجغرافية.

فعلى حسب موقع الجزيرة نت فقد صرح الخبير الاقتصادي عبد النبي أبو العرب أنه لو تم "التغلب على التعقيدات التقنية وتم توفير التركيبة المالية لمشروع نفق مضيق جبل طارق، فيعتقد أنه سينجز في 2030" رغم أن الأمر يبقى مستبعدا.

بينما أكد الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي بدر زاهر الأزرق لموقع الجزيرة نت على ضرورة استغلال المونديال لتنزيل هذا المشروع القاري الدولي، والذي على حسب تصريحة فإنه مشروع سيستفيد منه الاقتصاد العالمي ككل، وليس اقتصاد الدولتين المغرب وإسبانيا أو الاقتصاد القاري فقط.

في الأخير يظل حلم بناء نفق مضيق جبل طارق حلما جيوسياسيا واقتصاديا لكل من المغرب وإسبانيا، فرغم تكلفته الكبيرة وتعقيداته التقنية إلا أنه يعكس نظرة جديدة لعالم جديد يربط بين القارة الأوروبية والقارة الإفريقة، و إن تحقق هذا المشروع في أرض الواقع فإنه سيصبح واحدا من المشاريع العملاقة التي تحققت بعد سنوات طويلة من الإنتظار.

المصادر:

الجزيرة نت + هسبريس + مواقع أخرى

تعليقات